Tuesday, May 22, 2007



مسلّمات تحت الاختبار ...

حدّد رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة مؤخراً أمام منتدى الاقتصاد العربي الذي انعقد في العاصمة بيروت ثلاث "مسلّمات" لتحقيق "قفزة اقتصادية وتنمويّة شاسعة الآفاق". وتركزت هذه المسلّمات في اطار "الدولة الحامية والواعية والراعية والقوية", "الاستقرار الأمني والاجتماعي" و"العلاقة الحسنة بالعرب والعالم". بكلام أكاديميّ لا يحمل الجدل رسم الرئيس السنيورة من حيث ربما لا يدري صورة قاتمة للمستقبل القريب.
بعيداً عن كل ما تحمله السياسة ويمكن أن تؤوّل ما لا يمكن تأوليه, يبدو ايجاد دولة حامية واعية راعية وقوية

مبغىً صعب الولوج اليه على الأقل ضمن المدى المنظور. ففي ظل التشرذم الكثيف الحاصل وازدواجيّة لافتة في التدخل الخارجي تغيب أسهل وأقل مقومات الدولة من الصورة. مهما حاولنا التخفيف من ظلامة المشهد فمن البديهي القول ان الدولة ليست المسيطرة على مرافق الحكم وأسسه الطبيعية. لا يمكن مجرد التفكير بتحقيق تحسن اقتصادي ولو خجول دون تقوية مداميك الدولة واعطاء كل التسهيلات لانجاح مهمتها متجاهلين لمرّة المصالح الشخصية والمحسوبيات الضيّقة. من التّجارب الكثيرة التي واجهتها دول متعددة في العالم يمكن الاستنتاج ان وحدة مواقف الدول والحزم في التعاطي مع الملفات الاقتصادية التي تواجهها البلدان الرازحة تحت ثقل الديون تمهّد السبيل للبدء بمسيرة الاصلاح. اما الحديث عن استقرار أمني واجتماعي فمرتبط بالدرجة الاولى بالمسلمة الأولى وأيضا بالامكانيات المالية. اذ لا يمكن تصور أستقرار امني او اجتماعي في مجتمع فقير ينوء تحت وزر بطالة آخذة في التفاقم ووضع أمني خطير وهشّ لأبعد الحدود. ان معالجة هذه المشاكل بحاجة اولاً لقرار جريء بفتح كل المرافق الاقتصادية الحيوية على الأخصّ وعدم زيادة الخسائر التي منيت بها المؤسسات السياحيَة والاقتصادية جرّاء تعطيل الحروب وحروب التعطيل! وبالنسبة للامكانات الماليّة فمن الصعب التكلم عن امكانات نظراً لحجم الدين العام والعجز الذي يفوق كل تصوّر ويرسم بعداً جديداً غير مستحب يساهم أكثر فأكثر في "تصدير" خيرة اللبنانيين واللبنانيات. وبالانتقال لقيام علاقة حسنة بالعرب والعالم, فإن تحقيق هذا الأمر قد يستغرق سنوات طويلة ذلك لسبب بسيط يتمحور حول الصراع القائم في المنطقة حاليا وارتباط الاطراف اللبنانيين بهذا القطب الاقليمي او ذاك. لذا, من المستحيل تسجيل علاقات متساوية مع كل الاطراف ومحاولة توظيفها خدمة للبنان واقتصاده.
وإن كان لا بد من استحضار خلاصة "ثقيلة" فلا قفزة اقتصادية لا محدودة ولا شاسعة الآفاق وللحد من الشاؤم أقله على المدى المنظور. لا نشك للحظة برغبة الرئيس السنيورة بقيام دولة واقتصاد فعليين ولا نشك لبرهة ايضا
بأنه
أوّل المدركين للصعوبة المحيطة مع اشتداد أزمة قد تطيح بوجود وطن من الأساس.

No comments: